أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 8 أكتوبر 2016

حوار مع فاطمة مشعلة


*هل أنت متزوج؟
-نعم متزوج.
*هل الزواج بنمطيته المعهودة يُفسد خلو الكاتب بنفسه؟ هل الزواج والكتابة ضراير؟

-حاولت دائمًا أن لا أكون عبدًا لمؤسسة الزواج، الكتابة بالنسبة لي مُقدَمة على ما سواها، ومن بين ذلك مؤسسة الزواج.
*هل يوجد امرأة تستطيع أن تفتن العيسة ؟
-هذا مرتبط دائمًا بالمراحل العمرية، أعتقد أنني غادرت منذ فترة مرحلة الافتتان بالأشخاص رجالاً ونساءً، وأكتفي بالافتتان بالأبطال على الورق، أنا في الواقع عشت عمرًا، وأعيش، وأفضل أن أعيش بين صفحات الكتب.
*مواصفاتها"لا ضير إن لم تجبه هذا –المواصفات"؟
-أنا شخص غير متطلب، في كل شؤوني الحياتية، لا أفكر بمواصفات من أعمل معهم، أو أحتسي القهوة معهم، أو أخالطهم، أو أحبهم، وأعيش معهم، وبصراحة توقعاتي من أناس عاشوا كل هذه السنوات تحت احتلال، يبدو أن لا نهاية له، منخفضة جدًا.
*من /ما الذي يُحاربه أسامة العيسة ؟ ومن أو ما الذي يُحارب العيسة؟
-أنا لست محاربًا، وهذا أمر يتعلق بطبيعتي الشخصية، أنا أحاول أن أرفع الصوت، في مواجهة الانهيارات التي أشهدها، وحتى الآن، أظن أن لا أحد يحاربني.
*من أين ينبت الشقاء" أعلى درجات التعب"؟
-إذا كان الأمر يتعلق بما يخصني، فان النقطة التي يمكن تذكرها أو البناء عليها، نقطة الصفر حسب فوكو، هو ولادتي الطارئة، في مخيم مؤقت، نتيجة لقاء مؤقت بين لاجئين لا أظنه كان حميميًا، في غرفة من الصفيح، في الجبال الفلسطينية، بعيدًا عن قريتهما في الهضاب الفلسطينية التي هُجِّرت، ما زال هذا الإحساس يلازمني، الحياة على هامش المؤقت. الشقاء هو أن يتكون المرء من نطفة مؤقتة تائهة، لا مستقر لها.
*ما هي أكلتك المفضلة؟ واشرح قصة ارتباطك بها-بماذا تذكرك لما تعلقت بها إذا كان السبب نفسي أو اجتماعي ولا أتحدث عن الشهية أو ذوق الطعام؟
-لا تحضرني أكلة معينة، عمومًا أنا لست أكولا، ولكن بشكل عام أحب فلافل (أفتيم) بيت لحم، وفلافل (الشتلة) في بيت جالا، وحمص العكرماوي في القدس، ومثل هذه الأمكنة في بيت لحم والقدس ارتبطت بحالات الفوران العاطفي، والدراسي، والكفاحي-إن جاز التعبير.
*خلال رواية مجانين بيت لحم لم يبدي العيسة حرجا من تعبيره الصريح بالتمني أن يكون واحداً من نزلاء دير المجانين! رغبة حقيقية؟ سعياً وراء الاختلاف المجنون؟اليمان بعدالة حقوقهم ؟حماقة عالمنا العاقل؟
-من أبدى هذه الأمنية هو الراوي في الرواية، وهو كما كتبت يكون أحيانا أنا الكاتب، وأحيانا لا.
*من الذي أغرق العيسة حزناً؟ ولم أسأل لأني اجزم الحزن يزور المرء بين حين وآخر أرجو الإجابة- ذكر حادثة
-خلال الأشهر الماضية، الذي أغرقني حزنا، هو دم الأولاد المسفوح، على الإسفلت في الانتفاضة الأخيرة، كنت أذهب بشكل دائم إلى موقع المواجهات قرب قبة راحيل، وكنت أتألم. حاورت الأولاد، وطلبت من الكبار أن ينزلوا بالمئات، لكي يقفوا حاجزا بين الأولاد وجيش الاحتلال، ألمني حالة الفرجة من الكبار على الأولاد، وآلمتني التغطيات الصحافية المبتورة والمهيجة والتحريضية خصوصا من قنوات فلسطينية تبث من الخارج.
لقد حاول الأولاد، أن يقولوا لنا بأننا نعيش مرحلة تحرر وطني، ودفعوا من أجل ذلك 250 ضحية منهم، ومن بينهم نساء، ضحن بأنفسهن بسبب مشاكل اجتماعية، ولم يكن لدينا الجرأة لنقول أو نكتب ذلك.
الشعب الفلسطيني المتشظي ونخبه السياسية والفكرية، تواصل لعبة الاندماج في بيروقراطية في ظل احتلال، حتى دخلت فلسطين، في مرحلة موت سريري، تحتاج إلى معجزة حتى لا تصبح حالة لا شفاء منها.
*لماذا أطلق العيسة بالتعاون مع أحد نشطاء الطبيعة حيوانا زاحفاً يشكل خطراً على الناس" العربيد –المخرور"؟
-الحيوان الذي تشيرين إليه ليس خطرا على الناس، وإنما الناس يشكلون خطرا عليه. حيوانات فلسطين هي جزء من هوية أرضها، وناسها، وإذا سمحت لي، سأستغل سعة صدرك، لأنتقد وسائل الإعلام في تعاملها مع حيوانات فلسطين، فتنشر أكاذيب، خصوصًا فيما يتعلق بالخنازير البرية، والاتهام الدائم للمستوطنين بأنهم يلقونها قرب المناطق السكنية العربية. مشكلة الخنازير مثلا هي جزء من مشكلة الواقع الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون الآن في سجون. لنفكر بأنفسنا كشعب، وبحيواناتنا، ونباتاتنا، وزهورنا. الجميع مستهدف.
*لمن يقرأ العيسة ؟
-مراحل الحياة بالنسبة للكاتب هي مراحل قراءة، في كل مرحلة يتوجب عليه قراءة كتب معينة. أنا أقرأ بشكل ممنهج وضمن برنامج صارم في كتب التراث، ومتابعة المستجدات في الفن الروائي على الصعيدين العربي والعالمي، وفيما يخص تاريخ وجغرافية وطبيعة فلسطين، وغير ذلك.
*عدد 4كتب محفوظة في مكتبة العيسة الشخصية؟
-في مكتبتي الشخصية مئات الكتب، في شتى مناحي المعرفة.
*وسيلة اعلام تتابعها وما؟ عربي محلي دولي؟
-لا أتابع الإعلام العربي، ومنها وسائل الإعلام الفلسطينية، فجميعها تكذب، ولا تعتذر للناس، ومن نماذج الكذب مثلا، ما نشرته الصحف الفلسطينية، في ذكرى اغتيال غسان كنفاني، كلاما على لسان غولدا مئير، بدون مصدر.
أنا أخذ بنصيحة ابن خلدون، عندما دعا إلى إعمال العقل في الخبر، وأطبق ذلك في المواضيع الصحافية والإخبارية، والتراثية، ومن السهل اكتشاف، كميات الكذب التي تلقيناها، سواء عبر المدرسة، أو من خلال الأحزاب السياسية، والصحف.
أتابع الناشوينال جغرافيك العربية.
*ماذا يعني لك وقت المساء؟
-هو غالبا وقت لقاء الأصدقاء في ساحة المهد.
*متى كانت آخر مرة تشاجرت مع أحد؟
-ليست مشاجرة، ولكن أحد الأصدقاء عصّب علي، واتهمني بأنني شطبته من قائمة أصدقائي على الفيس بوك.
*أي لون من " البرنطييات-جمع برنيطة " يفضل أن يعتمر أسامة العيسة؟
-أنا أؤمن انه يجب أن يكون للشخص غطاء رأس، ولأنه يبدو أن استخدام الحطة غير شائع لدى جيلنا، كما هو الحال بالنسبة لجيل والدي، فانني أفضل اعتمار برنيطة، لاتقاء حرارة الشمس. أحب اللون الأبيض، لأنه لون الحطة الفلسطينية، كما كان يرتديها والدي.
*هدية قديمة ما زلت تحتفظ بها وإن أمكن اخبارنا من مَن؟
-لا أذكر.
*هل قالت لك امرأة مرة صراحة كلمة "أحبك"؟
-نعم حدث هذا أكثر من مرة.
*هل تحب عملك في جريدة الحياة الجديدة؟
-نعم أُحب عملي في الجريدة لأنه ارتبط بأشخاص أعرفهم منذ سنوات وأصبح هناك تفاهم بيننا. مرت الحياة الجديدة في عدة مراحل، وشكل صدورها حدثا، وفتحت المجال للتجارب الصحافية الجديدة، ومنها تجربتي، ولكنها مرت في السنوات الأخيرة بفترة يمكن أن نسميها عدم استقرار في سياستها التحريرية، بسبب توالي أكثر من رئيس تحرير عليها في فترات زمنية قصيرة.
*مسؤول لا تحب ولو مضطراً ان تقول له صباح الخير؟
-إذا كان المقصود مسؤول في العمل، لا يوجد مثل هذا الشخص.
*زميل مهنة تراه مجتهداً في مهنته؟
-هناك أكثر من صحافي وصحافية، وأقصد في مجال الصحافة المكتوبة. أتوقف عند ما يكتبه عميد شحادة، وجميل ضبابات، وسعيد أبو معلا، وخالد سليم، وصالح مشارقة، ومن الطبيعي أن لا تعجبني بعض الآراء التي تُطرح فيما يكتبونه.
*زميلة معجب بجدارتها الصحفية أو الكتابية؟
-أقدر نشاط رحمة حجة، وأتوقع منها الكثير.
*من هم أصدقاء أسامة العيسة؟
-كثيرون: يوسف سند، جميل ضبابات، شوقي العيسة، صالح أبو لبن.
*هل تجمعك صداقة بكتاب عرب ؟
-التقيت بالعديد من الكُتّاب العرب هنا في فلسطين وفي الخارج. لا أستطيع الحديث عن صداقات بالمعني المتعارف عليه للصدقات الشخصية أو الأدبية.   
*لو شُغفت بالحب وقُدر ل كان تخطب محبوبتك ما المر الذي يمكن أن تقدمه؟
-الكتابة بالنسبة لي مشروع حياة، ووطن أقطن به، بل وأتماهى فيه، على الأقل حتى أعثر على وطنٍ. يمكن أن أقدم لها مهرا إهداء أحد كتبي، التي ستصدر.
*هل تقرأ جريدة الحال؟
-أقرأ بعض المساهمات فيها التي تنشر إلكترونيا، ويعجبني الاختصار فيها، لذا أنا مستغرب من الأسئلة العديدة، التي ستجعل الحوار طويلا.
*ما علاقة أسامة بالناس .سكان القرى؟ عاملين في مطعم نشطاء لحماية البيئة؟
-أنسج علاقات سريعة مع ناس البلاد. أحب ناس البلاد، وارتبط معهم بعلاقات متفاوتة.
*ما القرية التي يحب العيسة أن يزورها دائما ؟
-القرية التي أحب أن أزورها دائمًا، ولا أتمكن دائمًا من ذلك، هي قريتي (زكريا) التي تشردت منها عائلتي.
*لماذا فضلت البقاء في بيت لحم ولم تلتصق بجاذبة المثقفين –رام الله؟
-عشت عامين في رام الله، عشية تأسيس السلطة الفلسطينية، وأعتبر نفسي شاهدا، على التغيرات التي كانت تنتظر المدينة، وأيقنت بأنني إذا عشت في رام الله التي يتم صنعها من نخب سياسية مهزومة، ونخب أشباه المثقفين، سأفقد ذاتي، فعدت إلى بيت لحم، محاولا لملمة ما تبقى من عالمي.
*لو عشت في زمن داهش بك هل كنت من أتباعه؟
-طبعا لا. أنا لا أؤمن بالأنبياء السماويين، أو الأرضيين. أؤمن بالنّاس وأحبهم. أتعاطف مع داهش، لأنني أعرف البيئة التي خرج منها، والظروف التي عاشها في بيت لحم، ابنا لعائلة سريانية لاجئة.
*ما طبيعة علاقتك بالكاتب المقدسي إبراهيم جوهر؟
-إبراهيم جوهر، يرتبط بالنسبة لي بسنوات المخاض الوطني، والكفاحي، والأدبي، والصحافي، وبالبراءة الأخلاقية العالية. أحببت إبراهيم عندما كان يرقص في ساحات جامعة بيت لحم، وفي لقاءاتنا في بيوت الأصدقاء والصديقات عندما كانت فلسطين، أو هكذا تصورناها، قاب قوسين من انعتاق ونور مبهر.
أحبب إبراهيم وهو يكتب، وينقد بحس أخلاقي عال، ما يخطه الكتاب الشبان واليافعين أمثالي. أحببت إبراهيم، الذي التقيته في الخلايا الحزبية الطلابية وكنا نخطط ونحلم بتغيير العالم، ولم نكن نعلم بأننا لن نتمكن حتى من تغيير أنفسنا، أو على الأقل ابقاؤها كما هي.
أعتقد أن إبراهيم، كان يمكن أن يكون واحد من أهم النقاد الفلسطينيين، ولكنه في مرحلة ما، كما يبدو لي كفّ عن الرقص، واصطدمت الأحلام بالواقع.
*لو كانت عناصر الطبيعة تتحدث كما البشر..أيها تتمنى أن تُكلمك؟
-أحب أن أتحدث مع التراب. التأمل في التراب مغر جدا، أنها ذرات أجسادنا. أرواحنا التي تتحول إلى هذا الأحمر، الذي يحولها إلى أشجار.
*ما الشارع في بيت لحم الذي تُحب أن تمشي فيه طويلاً؟
-الشارع الذي يحمل أسماء عديدة: التراجمة، أو النجمة، أو رأس فطيس، أو البطاركة. أسماء لشارع واحد، تم تهميشه بسبب الإدارات الفاشلة.
*ما رأيك بترشيح بيت لحم عاصمة للثقافة العربية للعام 2020؟ألا ترى أن بيت لحم تعتمد على وجود كنيسة المهد كمبنى لكي تستمر في نشاطها اعلادي ولا تطور من نفسها ولا نرى فيها جديد عدا بناء فنادق أو مطاعم جديدة للسياح؟
-خطوة ممتازة، ولكن هل لدينا القدرة على إعدادها بالشكل الذي يجب ان تظهر عليه؟ أشك في ذلك، ولا أعتقد ان الإدارات الرسمية قادرة. والأمر ينطبق بشكل متفاوت على كل المدن العربية. مدننا أكبر منا.
*الجوائز قد تُغير من مُناخ الكتابة ؟هل تغيرت؟
-بالنسبة لي، الجوائز، تزيد الثقة بمشروعي الكتابي، فأواصل وأطور ما بدأته.
*لماذا لا تكتب عن السياسة الراهنة وتكتفي بالعودة للتاريخ لإستخدامه كاسقاطات فقط؟
-الفن الروائي يحتاج عادة لفترة زمنية أكثر بكثير من الشعر أو المقالة أو التحقيق الصحافي، لكي يتحقق. ولكن وأنا أستدعي التاريخ، أكتب عن اللحظة الراهنة.
ومع ذلك كتبت عن وقائع راهنة، مثلا روايتي (قبلة بيت لحم الأخيرة).
*هل لديك مواقف سياسية؟
-نعم لدي مواقف سياسية، وموقفي السياسي العام هو ان شعبنا يعيش مرحلة، تعرف عالميا باسم مرحلة التحرر الوطني. علينا فقط ان نفهم ذلك.
*هل تعتقد أن سقف الحرية المتاح أقصر من أن يحتمل طولها؟
-نحن في عصر اتسعت فيه مناخات الحرية، ولكن فيما يخصني ككاتب عربي فلسطيني يعيش في الأرض المحتلة، فان هناك اعتبارات عديدة أخذها لدى الكتابة، أهمها الموانع الاجتماعية، والتابوهات العشائرية.
*ما رأيك بنشاط نقابة الصحفيين؟
-لست على اطلاع كاف على نشاطات النقابة، ولكن راعني الاحتفاءات الفيسبوكية، والتهاني المتبادلة بين قادة النقابة على انجازات معينة، وكأننا لم نغادر العشيرة.
*لماذا لا تنفعل على الفيس بووك وتطرح آرائك في الأمور الآنية ؟
-أنا لست سياسيًا. أنا مثقف منشغل بالأمور العامة، ومن هنا أتجنب الدخول في مهاترات تتعلق بالأمور السياسية الآنية.
*ما سر الجلد العظيم الذي لديك في كبح جماح الرغية في إبداء الرأي أو الإهتمام بإعلانه؟
-لا أعرف
*ما رأيك بكل ما سبق؟
-أشكرك جدا على اهتمامك.
*صف لي مكان سكنك وأين؟
-ولدت ونشأت في مخيم الدهيشة، الذي بُني في أوائل خمسينات القرن الماضي على أراضي تابعة لأهالي مدينة بيت لحم.
الغريب ان هذا المكان المؤقت، أو الذي قُصد أن يكون كذلك، أصبح غير ذلك، والغريب أكثر أن هذه المحطة نحو العودة إلى الديار، تتحول، لدينا نحن أبناء المخيم إلى ما يشبه الهوية، رغم اننا نؤكد دائما على ان حقنا في العودة هو حق مقدس لا يمكن التنازل عليه.
أصبح المخيم، الذي كان في أطراف المدينة، في قلب منطقة تجارية زاخرة على شارع القدس-الخليل، وفي الوقت ذاته في المنطقة الأكثر سخونة في محافظة بيت لحم، والتي تتعرض بشكل شبه ليلي إلى اقتحامات واعتقالات، وأحيانا ارتقاء شهداء، وتُخلف جرحى.
وفي كل مرة تحدث مواجهات، بين الفتية، وجنود الاحتلال، والغريب انه بعد انسحاب جنود الاحتلال، وعندما أغادر المخيم صباحًا، يبدو أن ما حدث قبل ساعات، وكأنه لم يكن، مجرد شيء عادي في حياة غير عادية.
أنام في غرفتي، وبجانبي دائما كمامة مضادة للغاز المدمع، فعندما يقتحم جنود الاحتلال المخيم، يغرقون المنازل بالغاز المدمع، وحوصرت أكثر من مرة في غرفتي في حالة صعبة.
*لو عرضت عليك جريدة عريقة العمل معها هل ستترك الحياة الجديدة؟
-تنقل الصحافي من مكان عمل إلى اخر، هو أمر عادي وطبيعي، وقد يكون أمرا صحيا، ومفيد للصحافي والعمل الصحافي. بالنسبة لي الأمر يتوقف على نوع العرض. لم أتلقى عروضا لعمل ثابت، تلقيت عروضا للعمل بالقطعة.
*ما الذي يحرك العيسة تجاه قضايا البسطاء والمهمشين من الناس؟
-في الواقع أنا جزء من هؤلاء المهمشين، نشأت كما ذكرت لك، في مجتمع، يعيش على هامش المدينة، صحيح أن الأمر ليس بالحدة التي ربطت مدن الصفيح الهامشية بالمدن الصناعية الكبرى في العالم، إلا ان آباءنا المشردين عن أرضهم، الفلاحين الذين أصبحوا بطرفة عين لاجئين، لجأوا إلى ما توفر من أعمال في المدينة، هي الأكثر هامشية، وبعد احتلال ما تبقى من فلسطين الانتدابية في حزيران 1967، أصبح أغلبيتهم، ومعهم جيل نشأ في المخيم، عمالا في سوق العمل الإسرائيلي السوداء، أي في الأعمال التي لا يعمل بها الإسرائيليون، مثل ورشات البناء.
ولكن المخيم، من ناحية أخرى، لم يكن غيتو، بل كان مؤثرا في حياة المدينة، من ناحية وطنية، وثقافية، فهو عُش الفصائل الفلسطينية والحركات القومية، في فترة الحكم الأردني، وما بعد الاحتلال، وكان له دورا لا يكن إغفاله في الحركة الطلابية، والنقابية، والرياضية، والاجتماعية تجاوز في أحيان كثيرة محافظة بيت لحم. وهو المخيم، الذي أعلنها فورا انتفاضة بعد الاحتلال مباشرة.
ربما أمر أخر ساعد في انحيازي للمهمشين، هو الفكر اليساري، الذي كان شائعا، وأولى أهمية للعامل الطبقي في الأدب، من خلال نظرية الواقعية الاشتراكية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق