أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 18 فبراير 2018

إدوارد سعيد...فلسطيني خارج المكان




يقدم إدوارد سعيد نفسه، في فلم صُوّر قبل وفاته بوقت قصير، كشخص عاش خارج المكان، وهو العنوان الذي حمله الكتاب الذي وضعه عن سيرته الذاتية.

ولد سعيد في فلسطين ونشأ في القاهرة على هامش المجتمع كما يشير في الفلم الوثائقي الذي عرض في عدة مدن فلسطينية، بحضور زوجته مريم سعيد، ويحتوي على مقاطع مصورة له وهو يتحدث عن خبراته وآرائه.
الفلم الذي عرض بالتعاون مع مؤسسة بيرينبويم- سعيد، حمل عنوان "الذات والآخر، صورة شخصيّة لإدوارد سعيد"، وفيه يظهر سعيد في منزله في نيويورك أو مكتبه في جامعة كولومبيا وهو يتحدث عن مسيرته وآرائه الفكرية والسياسية وارتحاله في المكان، واكتشافه لفلسطينيته خصوصا بعد حرب 1967م، وانتمائه لمنظمة التحرير وعضويته في المجلس الوطني الفلسطيني.
يمكن للفلم أن يتعرض للانتقاد، لأسباب فنية وأخرى تتعلق بمضمونه، فهو يبدو كمقتطفات من حوارات ذات طابع صحافي، يكثر فيها الحديث عن الأمور العامة ويقل عن الأمور الخاصة ذات الطابع الحميمي، التي يتوقعها المشاهد على الأقل من عنوان الفلم.
وبالنسبة لمتابعي سعيد، قد لا يجدون في الفلم الشيء الجديد، وهو بالنسبة لهم قد يكون أقل إثارة للاهتمام من بعض الحوارات التي جرت مع سعيد وأخرها ما سمي بالمقابلة الأخيرة التي ترجمت للعربية بفضل جهود كل من: آية علي، ورهف الغامدي، وأيمن إدريس، ومهند النجار، فيها يقدم سعيد نفسه سيريًا، وثقافيًا، وسياسيًا، ومشاكسًا، ويقول "كلامه الأخير" في الحياة، والسياسة، وفلسطين، وأميركا، وسلطة الأب، والزواج، والعائلة، والطالبية، والقدس...الخ.
"المقابلة الأخيرة" مدتها تزيد عن ثلاث ساعات، وبذل مترجموها، جهودًا لا يمكن أن يقدرها إلا من سيشاهد المقابلة.
درس سعيد خلال إقامة العائلة في مصر، في كلية فكتوريا ذات الشهرة العالمية، ولكنه بخلاف من تحدث عنها من خريجيها، لم يكن معجبا بنظامها الدراسي، الذي يتلقى فيه الطالب دروسا في التاريخ والجغرافيا تخص بريطانيا وأوربا، ويعرف عن تلك البلاد أكثر مما يعرف عن بلاده.
وكابن لعائلة فلسطينية، يحمل معيلها الجنسية الأميركية، وتنتمي للطائفة البروتستانتية، بقي يشعر بأنه يعيش خارج المكان، وهو ما لازمه ذلك أيضا في لبنان، موطن والدته، وأميركا التي سيدرس ويدرس فيها، ويلمع نجمه كواحد من أكثر المثقفين الأخلاقيين في زاوية النظر لقضايا العالم.
عقب عرض الفلم في نادي سينما دار الكلمة في بيت لحم، طرح الجمهور عدة أسئلة على مريم سعيد، وتركزت على ما اعتبر فلسفته في موضوعة "خارج المكان" التي تعكس إيمانه بالإنسانية، ورفضه التمسك بالمكان.
قالت سعيد: "عائلة ادوارد عندما وصلت إلى القاهرة بعد تأزم الأوضاع في فلسطين في أربعينات القرن العشرين، لم تجد مجتمعا فلسطينيا، فعدد الفلسطينيين حينها كانوا قليلين، ولم تكن أيضا جزءًا من الشوام الذين وصلوا مصر في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين كجزء من مشروع نهضة، وأتاح للعائلة بسبب امتلاك والد ادوارد لجواز السفر الأميركي الدخول إلى الأندية التي ينتمي لها الأجانب في مصر".
وأضافت: "كل هذا جعل أفراد العائلة يشعرون بأنهم مختلفون وهذا الإحساس لم يكن يزعج ادوارد الذي لازمه طوال حياته. لقد عاش في المنفى وكتب عنه، وشعر بالارتياح لأن يكون هكذا، وأصبحت موضوعة الإنسانية أهم موضوع لديه، وكتب عن ذلك وفي أواخر حياته ألقى أربع محاضرات صدرت في كتاب عن الانسانوية".
وردا على سؤال حول عدم حصول سعيد على جائزة نوبل، قالت أرملته، بأنها سمعت من إحدى الكاتبات بان اسم ادوارد كان مطروحا في أروقة لجنة الجائزة، التي بحثت منحه الجائزة إلا أنه رحل، ولا تعرف إذا كان ذلك صحيحا أم لا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق