أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 21 مايو 2018

عن رواية المسكوبية/حسن إبراهيمي




مما لا شك فيه أن فلسطين عرفت استعمارا حيث تناوبت بعض الدول على نهب خيرات الشعب الفلسطيني، و العمل على تهجير العديد من الأسر بالقرى،  كما بالمدن من أجل تمكين المستعمرين من فرض سيطرتهم على الأراضي الفلسطينية، غير أن هذا الأمر ليس باليسير إذ تمكن الشعب الفلسطيني من مقاومة الاستعمار العثماني، البريطاني و الصهيوني.
و في إطار الدفاع عن الأرض و حق الشعب الفلسطيني في التحرر من الاستعمار خاض الشعب الفلسطيني نفسه و مختلف قواه الحية مختلف الأشكال النضالية السلمية منها, و غيرها أدت في بعض الأحيان إلى الزج ببعض المناضلين و المناضلات في السجون، بل كانت سببا في اغتيال العديد من الشرفاء و الشريفات الذين ضحوا بأرواحهم ، واللواتي ضحين بأرواحهن من أجل الاستقلال و العيش الكريم.
ضمن هذا الإطار جاءت رواية تحت عنوان "المسكوبية" فصول من سيرة العذاب لأسامة العيسة من أجل رصد بعض أشكال المقاومة، و مختلف أنواع النضال التي خاضها الشعب الفلسطيني في إطار السيرورة التاريخية للإستعمار الذي عرفته فلسطين بالتركيز على مختلف أنواع الجرائم التي مورست في حق كوادر بعض التنظيمات اليسارية كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و غيرها.
كل ذلك في إطار وصف دقيق لمختلف أنواع الجرائم ,و أشكال القمع السياسي الذي عرفه بعض المناضلين سواء تعلق الأمر بقبل أو بعد الاعتقال.
لقد تمكنت الرواية من خلق عوالم أدت بالسارد إلى البحث عن سبر أغوار عقل الجلاد وهزمه عل الرغم من كل أشكال التعذيب التي مورست في حق المعتقلين النفسية منها، والجسدية.
إذ أرعب صمود المعتقلين السياسيين أثناء التحقيق معهم الجلاد رغم ممارسة مختلف أبشع أنواع التعذيب ضدهم , وكان لذلك نتائج تمثلت في التأثير على مجريات الأحداث سواء تعلق الأمر بداخل فلسطين أو حتى خارجها. ذلك أن مواصلة النضال داخل سجون الاحتلال بفتح نقاشات مع مختلف المعتقلين السياسيين و الذين يجدون دعما من ظرف سجناء الحق العام كل ذلك ساهم في تأجيج الأوضاع داخل فلسطين بمواصلة مختلف الأشكال النضالية ضد المستعمرين بما فيهم الكيان الصهيوني، كما لعب ذلك دورا أساسيا فيما يتعلق بالتأثير على الرأي العام العربي إن على المستوى الشعبي أو الرسمي , بدفع الشعوب العربية إلى الدخول في مختلف الأشكال النضالية في إطار التضامن مع الشعب الفلسطيني ,و حقه في التحرر و من ثم بخصوص التضامن مع المعتقلين السياسيين ,و حقهم في التحرر من السجن ودفع المستعمرين إلى التراجع عن سياستهم القمعية ضد هذا الشعب الأبي. في نفس الوقت تمكن المعتقلون السياسيون من إحراج الأنظمة العربية بالتأثير عليها و دفعها إلى التراجع عن سياسة التطبيع مع الاستعمار العثماني البريطاني و الصهيوني من خلال دخول الشعوب العربية في مختلف الأشكال النضالية من اجل نفس الهدف .
أيضا تمكن المعتقون السياسيون من التأثير على الرأي العام الأوروبي من خلال فتح نقاشات جادة و مسؤولة داخل برلمانات العديد من الدول الأوروبية حول القضية الفلسطينية و حول ملف المعتقلين السياسيين، و من ثم تشكيل الضغط على القوى الاستعمارية و دفعها للتراجع عن سياستها الاستعمارية.
إن الرصد الدقيق لمختلف أشكال التعذيب الذي مورس على المعتقلين السياسيين داخل سجون الاحتلال بما في ذلك الترهيب، و مختلف أشكال التعذيب الجسدية في حق هؤلاء الأبطال كل ذلك ساهم في خلق عوالم ,و انفتاح الرواية عليها مكنت في نهاية المطاف الرواية من أن تبرز في كل مرة هزيمة الجلاد أثناء التحقيق، إذ لم يتمكن من الحصول على معلومات تفيد ما يتعلق بالانتماء السياسي للمعتقلين السياسيين و غير ذلك، ليزداد ممارسة الضغط على التنظيمات السياسية التي ينتمون إليها وعلى السلطة الفلسطينية، و بالتالي التأثير على المقاومة الشعبية خدمة لأهداف الشعب الفلسطيني، و دحض أهداف الاستعمار من نهب لأراض فلسطينية، و استغلال لخيرات الشعب الفلسطيني ,و ما يترتب على ذلك من تفقيره، ودفعه للاستسلام أمام الأمر الواقع.
و من أجل إبراز مختلف الملاحم التي سطرها هؤلاء المعتقلين السياسيين على الرغم من طول مدة الاعتقال السياسي تم التركيز على بعض السجون التي أدت نفس الدور في إطار السيرورة التاريخية لمختلف الدول التي استعمرت فلسطين، و كان سجن المسكوبية من بين السجون التي أدىت نفس الوظيفة القمعية إذ كان المكان الذي يتم الزج به مختلف المعتقلين السياسيين و غيرهم.
إذ تمكنت الرواية عبر التساؤلات التي طرحها السارد حول الاعتقال السياسي و تأثير ذلك على الرأي العام الفلسطيني، العربي ,و الدولي من أن تتمكن من طرح تأثير المعتقلين السياسيين على مختلف الدول التي استعمرت فلسطين بما في ذلك الكيان الصهيوني على اعتبار أن وظيفة الرأي العام الفلسطيني ,لعربي و ,الدولي هو دفع الكيان الصهيوني إلى التراجع عن سياسته الاستعمارية، و احترام حق الشعب الفلسطيني في تأسيس دولة حرة و مستقلة. و إذا كان الأمر كذلك فما هي المكاسب التي حققها الأسرى ليس فقط فيما يتعلق بملف المعتقلين السياسيين، و لكن فيما يتعلق بخدمة القضية الفلسطينية كقضية وطنية؟.
بمعنى أنه إذ كانت الرواية قد تمكنت من إبراز انتزاع حق المعتقلين ,كمعتقلين سياسيين فإنها توقفت عند هذا الحد و لم تتمكن من إبراز دور هؤلاء على الرأي العام الإسرائيلي، و من تم المكاسب التي تم تحقيقها في إطار خدمة قضيتهم الوطنية.
تفاصيل:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق